الروبوتات في الفضاء

معظمنا تابع بشغف أفلام حرب النجوم و ما شابهها من أفلام الخيال العلمي، لكن ما نراه اليوم من تسارع بين الدول لغزو الفضاء و الميزانيات الضخمة التي تنفقها لتحقيق تلك الغاية يثير تساؤلنا : ترى هل يصبح ما نشاهده على شاشة التلفاز حقيقة؟ 

بداية السباق :

في عام 1957 بدأ الإتحاد السوفييتي تاريخ الروبوتات في الفضاء مع إطلاق أول قمر صناعي يدور حول الأرض Sputnik 1، و بالرغم من أنه لم يصمد كثيرا حيث احترق في الغلاف الجوي في يناير عام 1958 إلا أنه أظهر للعالم كله ما يمكن أن يكون ممكنا في الفضاء. 

و هذه كانت بداية إنطلاق السباق بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفييتي. 

بعد Sputnik 1 تم إطالق 38 مهمة إلى سطح القمر من قبل الولايات المتحدة والإتحاد السوفييتي، 14 فقط تمكنوا من النجاح و منهم الهبوط التاريخي لApollo 11 في عام 1969، بالإضافة لأول مركبة فضائية هبطت على القمر في عام 1959.

كما أرسل الإتحاد السوفييتي روبوتات إلى كواكب أخرى مثل Venera 3 الذي هبط على كوكب الزهرة، و لكن لسوء الحظ فشلت بعد فترة وجيزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة و الضغط الشديد على سطح كوكب الزهرة. 

في عام 1970 حقق الإتحاد السوفييتي إنجازا مهما مع Luna 17 أول مركبة روبوت يتم التحكم بها عن بعد، بعد 5 سنوات استكمل الإتحاد السوفييتي إنجازه من خلال Venera 10 الذي هبط على كوكب الزهرة و أرسل صورة بالأبيض و الأسود من هناك.

في هذه الأثناء كانت ناسا تستعد لأهم مهمة في تاريخ الروبوتات في الفضاء : The Voyager Probes 

في عام 1977 أطلقت وكالة ناسا مجسي Voyager في النظام الشمسي بفاصل أسبوعين، Voyager 1 و Voyager 2 عبارة عن مجسات روبوتية مزدوجة مصممة لإلتقاط الصور و البيانات من النظام الشمسي بأكمله و كلاهما قد غادرا النظام الشمسي فقد سافر Voyager 1 إلى أبعد من أي جسم آخر من صنع الإنسان في الفضاء. 

لقد كانت السبعينيات بداية واحدة من أولى مهمات المريخ الروبوتية الكبيرة التي قامت بها ناسا ففي عام 1976 نجحت ناسا في إرسال Viking 1 و Viking 2 إلى المريخ و بالرغم من أنهما لم يستطيعا التحرك إلا أنهما جمعا معلومات قيمة ستستخدمها ناسا في مهمتها الرائدة في عام 1997. 


Viking 1, Viking 2

وفي عام 1981 أطلقت ناسا أول رحلة مأهولة لمركبة فضائية حيث أطلق مكوك الفضاء لأول مرة و كان يقودها جون يونغ و روبرت كريبن.

و في نفس الفترة أطلقت روبوتات جديدة من أشهرها Canadarm و هو أول ذراع آلي في الفضاء تم تصميمه من قبل وكالة الفضاء الكندية و تم نشره لأول مرة في عام 1981 على متن مكوك الفضاء كولومبيا بواسطة رائد الفضاء ريتشارد ترولي. 

تم بناء خمسة من الأذرع الروبوتية و التي تم استخدامها في حوالي 19 مهمة مكوكية خلال الثمانينات بالإضافة إلى العشرات في التسعينات، و اليوم يعد Canadarm 2 جزءا من محطة الفضاء الدولية. 


مكوك فضائي

ذراع آلي

في 4 يوليو 1997 هبطت مهمة Pathfinder التابعة لوكالة ناسا على سطح المريخ و أصبحت المركبة الجوالة Sojourner أول روبوت متحرك يستكشف سطح المريخ، عمل Sojourner لمدة 3 أشهر و التي كانت أطول ب12 مرة من المدة التي توقعتها ناسا. يوجد اليوم أكثر من 30 روبوتا فرديا و قمرا صناعيا يدور حول المريخ أو على سطحه.

Mars Pathfinder

تم إطلاقه في 1996 و هبط على سطح المريخ في 1997 و قد أتم الغاية من صنعه و أكثر حيث أعاد كمية غير مسبوقة من البيانات و تجاوز عمره الإفتراضي بالتصميم. حمل كل من المسبار و العربة التي يبلغ وزنها 6.10 كغم أدوات للرصد العلمي و لتوفير بيانات هندسية عن التقنيات الجديدة التي يتم عرضها، وشملت الأدوات العلمية أدوات لتحليل الغلاف الجوي للمريخ و المناخ و الجيولوجيا و تكوين صخور المريخ و تربته. كما استخدم الروبوت طريقة مبتكرة للدخول المباشر إلى الغلاف الجوي للمريخ بمساعدة مظلة لإبطاء هبوطه عبر الغلاف الجوي الرقيق و نظام عملاق من الوسائد الهوائية لتخفيف التأثير. منذ الهبوط حتى إرسال البيانات في 7 سبتمبر أعاد الروبوت 3.2 مليار بت من المعلومات بما في ذلك : 16500 صورة من المسبار و أكثر من 15 تحليل كيميائي للصخور و التربة و بيانات شاملة عن الرياح و عوامل الطقس الأخرى و تشير البيانات إلى أن المريخ كان في الماضي رطبا و دافئا.

في عام 2004 وصل مسبار Cassini-Huygens أخيرا إلى زحل و بدأ مهمته التي استمرت 13 عام.

تم إطلاق Cassini مع Huygens (مركبة هبوط آلية خاصة ساهمت بها وكالة الفضاء الأوروبية)، على سطح Titan أكبر أقمار زحل حيث التقط صورا كاملة الألوان و أرسلها إلى الأرض قبل أن يصبح غير متصل بالإنترنت، وسعت الصور و البيانات التي تم إرسالها من القمر معرفتنا به حيث أننا اكتشفنا احتوائه على سائل على سطحه على الرغم من أنه ليس ماء فإن هذا القمر يتكون من بحيرات من الميثان السائل. 

في عام 2011 أطلقت ناسا أول مهمة مخصصة للمشتري و أقماره Juno ،وصل الروبوت إلى كوكب المشتري في عام 2016 و في عام 2022 دخل مرحلة المهمة الممتدة التي تخطط ناسا لتنفيذها حتى عام 2025 على الأقل، أمضى جونو السنوات القليلة الأولى في إجراء بحث على كوكب المشتري و التعرف على بنية الكوكب و المجال المغناطيسي له. 

و في أثناء دوران جونو حول كوكب المشتري يقوم أيضا بإجراء تحليقات جوية لأقمار المشتري و أيضا إلى أقمار غاليليو الأربعة، من بينهم يوروبا الذي يعتقد العلماء بإحتوائه على محيط مائي سائل عملاق مخفي تحت قشرته الجليدية. و في عام 2011 أصبح Robonaut 2 التابع لناسا أول إنسان آلي في الفضاء، تم إرساله إلى محطة الفضاء الدولية، و قد بقي الروبوت في محطة الفضاء الدولية حتى عام 2018.

في عام 2010 انطلقت مهمة روبوتية أخرى إلى المريخ حيث هبطت مركبة Curiosity التابعة لناسا على سطح المريخ في عام 2012 و كانت هذه العربة الجوالة أكبر مركبة هبطت على سطح المريخ على الإطلاق و قد أصبحت من المشاهير في عالم الروبوتات حيث ما زالت ترسل الصور الشخصية التي تلتقطها لنفسها عبر الكاميرا المثبتة عليها.

في عام 2021 هبط على سطح المريخ روبوتين جديدين تابعين لوكالة ناسا و قد بدأ هذين الروبوتين عقدا مثيرا في استكشاف الفضاء.

تتطلع كل من ناسا و شركة رحلات الفضاء الخاصة Space X إلى إرسال بعثات بشرية إلى المريخ في الثلاثينات من القرن الحالي لذا فإن العشرينات من القرن الحالي ستكون حول توسعة معرفتنا بكوكب المريخ كما لم يحدث من قبل.

Titan

Curiosity

و في النهاية، نستعرض لكم في هذا الفيديو أبرز إنجازات وكالة ناسا في كوكب المريخ

مشاهدة ممتعة.

إعداد : زينة النابلسي

التاريخ : 13-5-2023