الإنترنت

أصبح الإنترنت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، فهو أساس اتصالاتنا، و مصدرنا الأول للمعلومات، و القلب النابض لعشرات الآلاف من الشركات حول العالم، و قد أعاد تشكيل المشهد الترفيهي بالكامل. و مع ذلك قبل 30 عامًا لم يعرف سوى عدد قليل من الناس عن الإنترنت، فكيف وصلنا إلى هذا الحال؟

التاريخ

بدأت القصة في الستينيات خلال الحرب الباردة، حيث كانت التوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية و الإتحاد السوفييتي في أعلى حد و كان احتمال بدء حرب نووية يتزايد، و أدركت الولايات المتحدة أنها بحاجة إلى نظام اتصالات يمكنه الصمود أمام هجوم نووي سوفييتي.

أدى ذلك إلى قيام وزارة الدفاع الأمريكية بإنشاء شبكة ARPANET (شبكة وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة) و هي شبكة مصممة لتوصيل أجهزة كمبيوتر متعددة معًا بهدف توفير تدفق أسرع و أكثر أمانًا للمعلومات من مكان إلى آخر. وضعت ARPANET الأساس لشبكة عالمية من أجهزة الكمبيوتر المترابطة.

في أوائل السبعينيات، نمت ARPANET و شملت العديد من الجامعات و المعاهد البحثية، و تم تقديم مفهوم تبديل الحزمة (Packet Switching) ، سمح تبديل الحزمة بتقسيم المعلومات إلى أجزاء صغيرة تُعرف بإسم الحزم (Packets) التي يتم إرسالها بشكل مستقل عبر الشبكة، مما يسمح بنقل البيانات بشكل موثوق و فعال.

في عام 1983، تم إنشاء بروتوكول اتصالات جديد يسمى (Transmission Control Protocol and Network Protocol) أو (TCP/IP). يسمح بروتوكول TCP لأجهزة الكمبيوتر بأن تتحدث "بنفس اللغة" مما ساعد شبكة ARPANET على النمو لتصبح شبكة من الشبكات المترابطة. يرى الناس أن 1983 هو عام ميلاد الإنترنت.

تغير كل شيء في عام 1991 عندما تم إطلاق شبكة الويب العالمية (WWW) من اختراع Tim Berners-Lee للجمهور، WWW هو نظام يتيح للمستخدمين التنقل بين المستندات المختلفة أو صفحات الويب بإستخدام روابط النص التشعبي (Hypertext Links). على الرغم من أن الناس غالبًا يشيرون إلى الويب على أنها الإنترنت، إلا أنها في الواقع خدمة تعمل على الإنترنت وليست الإنترنت نفسه.

يتطور الإنترنت بإستمرار و أصبح أداة لا غنى عنها للأفراد و الحكومات و الشركات. لقد غيرت كل جانب من جوانب حياتنا و ستستمر في القيام بذلك مع تطور التكنولوجيا.

كيف يعمل الإنترنت؟

يتكون الإنترنت من العديد من الأجهزة مثل أجهزة الكمبيوتر و الهواتف الذكية و السيرفرات. كل هذه الأجهزة متصلة إما من خلال اتصالات سلكية مثل كابلات إيثرنت، أو اتصالات لاسلكية مثل و WiFi أو شبكة خلوية.

جميع أجهزة الكمبيوتر متصلة بالإنترنت و يتم التعرف عليها باستخدام IP Address. تسمح الـ IP Addresses للكمبيوتر بإرسال و استقبال المعلومات. تكون عادة سلسلة من الأرقام كالتالي : 192.158.1.38. يتم تعيين عنوان IP الخاص بك من قبل مزود خدمة الإنترنت الخاص بك (زين، اورنج، أمنية)، و هو يعرف جهاز الكمبيوتر الخاص بك و موقعه.

البروتوكول عبارة عن مجموعة من القواعد التي تحدد كيفية اتصال أجهزة الكمبيوتر ببعضها البعض و إرسال البيانات عبر الشبكة، مما يضمن وصول البيانات الصحيحة إلى الموقع الصحيح. (IP (Internet Protocol هو المثال الأساسي للبروتوكولات.

كما ذكرنا، يتم تقسيم البيانات إلى Packets، و هي أجزاء من البيانات، قبل إرسالها، تحتوي كل حزمة بيانات على معلومات توجيه تخبرها إلى أين تذهب. يتكون الإنترنت من شبكة ضخمة من أجهزة الكمبيوتر المتخصصة تسمى Routers. تتمثل مهمة كل Router في معرفة كيفية نقل الحزم (Packets) من مصدرها إلى وجهتها بأكثر الطرق فعالية ممكنة.

لا يمكن ضمان وصول كل حزمة إلى الوجهة، عدم وصول الحزمة يُعرف باسم "Packet Loss" (ربما تكون قد رأيت هذه الرسالة في الألعاب الأونلاين من قبل). في حالة فقدان الحزمة، يطلب Transmission Control Protocol إعادة الإرسال حيث تتمثل مهمته في ضمان وصول الحزم إلى الوجهة بالترتيب الصحيح، بحيث يمكن استخدامها لإعادة بناء البيانات.

يقوم سيرفر Domain Name System بترجمة اسم Domain موقع الويب (www.google.com) إلى عنوان IP المقابل له، مما يسمح لجهازك بالوصول إلى السيرفر الذي يستضيف موقع الويب الذي تحاول الوصول إليه. ال DNS يزيل حاجة حفظ سلاسل عشوائية من الأرقام للوصول إلى مواقع الويب، بل عليك حفظ اسم Domain الذي يسهل على الإنسان فهمه. يتم توفير سيرفرات DNS من قبل مزود خدمة الإنترنت الخاص بك.

بمجرد إدخال عنوان URL و حل عنوان IP، يرسل جهازك طلبًا إلى السيرفر بالمعلومات المطلوبة. يسترد السيرفر صفحة الويب المطلوبة، و التي تتكون عادةً من HTML و CSS و JavaScript و أصول أخرى. HTML هي لغة ترميز بنية الصفحة و محتواها، و يضيف CSS التصاميم المرئية، بينما تجعل JavaScript الصفحة ديناميكية و تفاعلية.

يقوم السيرفر بعد ذلك بتعبئة صفحة الويب، إلى جانب أي أصول إضافية مثل الصور أو مقاطع الفيديو، في استجابة. ثم يتم إرساله مرة أخرى من خلال نفس مسار الطلب إلى متصفح الويب الخاص بك. يتم تحليل البيانات المستلمة و تقديمها بواسطة متصفح الويب الخاص بك، و الذي يعرض صفحة الويب.

في هذه الرحلة، تتم معالجة نقل المعلومات بين جهازك، و المشار إليه باسم Client، و السيرفر من خلال بروتوكول نقل النص التشعبي (HTTP). بالإضافة إلى ذلك، لضمان نقل البيانات بشكل آمن، يستخدم الإنترنت طرق التشفير مثل Secure Sockets Layer أو Transport Layer Security. تقوم هذه البروتوكولات بتشفير البيانات لحمايتها من الوصول غير المصرح به أثناء الإرسال.

التأثير على القطاعات المختلفة

إن تأثير الإنترنت على العديد من القطاعات لا يقل عن ثورة. لقد غيرت تمامًا الطريقة التي ندير بها الأعمال، و التواصل، و الترفيه ، و التعليم، بإعادة تشكيل التقاليد و خلق فرص جديدة.

لقد جعل الإنترنت الإتصال أسهل و أسرع، و ربطنا ببعض كما لم يحصل من قبل. الإتصال شبه الفوري الذي يوفره الإنترنت في شكل البريد الإلكتروني و الرسائل النصية و المكالمات الصوتية و مكالمات الفيديو جعلت بإمكاننا البقاء على اتصال مع أي شخص على الرغم من البعد. علاوة على ذلك، تستمر أساليب الإتصال في النمو مع تطور تقنيات جديدة مثل الواقع الإفتراضي، مما يقربنا من بعضنا البعض.

كما انقلب قطاع التجارة رأسًا على عقب. يصبح التسوق عبر الإنترنت أكثر شيوعًا كل يوم لأنه يتيح للمستهلكين التسوق من منازلهم بشكل مريح و سريع. و قد دفع هذا التجار إلى تغيير استراتيجيتهم للتكيف مع هذا التغيير. تم تسليط الضوء على ميزة التسوق عبر الإنترنت خلال جائحة كوفيد-19 الأخيرة، و التي شهدت ازدهار الأعمال التجارية عبر الإنترنت بينما كان لها لسوء الحظ تأثير سلبي على العديد من الشركات المحلية الصغيرة غير المتصلة بالإنترنت.

شهدت قطاعات الترفيه و الموسيقى تحولا هائلا. نظرًا لأن طريقة استهلاكنا للفيديو تغيرت بشكل كبير على مدار العشرين عام الماضية، مع وجود خدمات البث مثل Youtube و Netflix في المقدمة، لتحل محل النسخ المادية للأفلام و البرامج التلفزيونية و تلفزيون الكابل التقليدي. و بالمثل، حلت خدمات بث الموسيقى مثل Spotify و Apple Music محل الموسيقى المادية. و قد دفعت هذه التغييرات هذه القطاعات  إلى إعادة التفكير بشكل كامل في نماذج التوزيع و تحقيق الدخل للتكيف مع المناخ الجديد.

بدأ الإنترنت حياته من بدايات متواضعة كأداة عسكرية إلى ظاهرة دولية غيرت تمامًا الطريقة التي نعيش بها حياتنا، و ستستمر في القيام بذلك مع نموها و تغيرها و نمو قدرتنا على استغلالها لجلب أكبر منفعة ممكنة لمجتمعنا.